سياسة وتمويل المساعدات النقدية والقسائم
نمت المساعدات النقدية والقسائم بوتيرة سريعة في العقود القليلة الماضية، حيث أصبحت تمثل الآن حوالي 21% من إجمالي المساعدات الإنسانية.
يعود هذا النجاح جزئيًا إلى الالتزامات التي تم التعهد بها خلال القمة الإنسانية العالمية عام 2016، في إطار الصفقة الكبرى التي التزم أصحاب المصلحة فيها بالاستخدام الروتيني للمساعدات النقدية والقسائم والعديد من الالتزامات السياسية الأخرى رفيعة المستوى.
توضح كريس أنه لكي تتمكن المساعدات النقدية والقسائم من تحقيق إمكاناتها بالكامل، هناك حاجة إلى أربع تغييرات رئيسية.
هل يتزايد استخدام المساعدات النقدية والقسائم؟
يستمر تمويل المساعدات النقدية والقسائم في الزيادة عاماً بعد عام، إلى أن وصل إلى 10 مليارات دولار في عام 2022. وقد كانت هذه هي الزيادة السابعة على التوالي على أساس سنوي، وكان عام 2022 أكبر زيادة (في الإنفاق) على الإطلاق.
في الفترة بين عامي 2017 و2022، تضاعف إجمالي حجم المساعدات النقدية والقسائم المحولة إلى المستفيدين – حيث ارتفع من 3.3 مليار دولار أمريكي في عام 2017 إلى 7.9 مليار دولار أمريكي في عام 2022.

مع ذلك، يقدم استعراض البيانات من حيث حجم الإنفاق جزءاً فقط من الصورة الكاملة. في عام 2022، شكلت المساعدات النقدية والقسائم ما يزيد قليلاً عن 21% من المساعدات الإنسانية الدولية، وهي أعلى قليلاً من نسبة الـ18% من عام 2021. وهذه زيادة أقل بكثير مما كانت عليه في العام السابق.
مع هذا، يمكن للمساعدات النقدية والقسائم أن تشكل نسبة أكبر بكثير من المعونات عما هي عليه حاليًا. تشير الأبحاث إلى أنه إذا تم تقديم المساعدات النقدية والقسائم بطريقة مناسبة، فإنها ستشكل ما بين 30 – 50% من إجمالي المساعدات الإنسانية الدولية.
هناك حاجة إلى حدوث تغيير جذرى في نظام المساعدات الإنسانية لزيادة استخدام المساعدات النقدية والقسائم. وبذلك فإن السياسات العالمية والوطنية والمؤسسية تشكل عنصراً أساسياً في تحقيق هذه الغاية.
ما هو حجم المساعدات النقدية مقابل مساعدات القسائم؟
تشير البيانات بين عام 2015 إلى 2022 أن معظم الإنفاق على المساعدات النقدية والقسائم يذهب نحو تقديم [التحويلات النقدية] مباشرة، وأن نسبة أقل بكثير يتم إنفاقها على القسائم. ومع بقاء النسبة ثابتة إلى حد كبير عند 71-72% لمدة ثلاث سنوات بين عامي 2019 و 2021، ارتفع استخدام المساعدات النقدية إلى 81% من قيمة المساعدات النقدية والقسائم في عام 2022، حيث شكلت القسائم 19% من الإجمالي المبلغ عنه. قد يُعزى التحول نحو المساعدات النقدية في عام 2022 جزئيًا إلى الاستخدام واسع النطاق للمساعدات النقدية في الاستجابة للأزمة في أوكرانيا.

تستخدم المساعدات النقدية على نطاق أوسع جزئيًا بسبب تفضيلات المستفيدين الموثقة جيدًا للمساعدات النقدية (على القسائم أو أنواع المساعدات الإنسانية الأخرى) في معظم الحالات. يرتبط ذلك، بالعودة إلى عام 2015 على الأقل، أنه كان هناك ضغط علىى مستوى السياسات نحو لاستخدام المساعدات النقدية بدلا من القسائم.
تمويل المساعدات النقدية والقسائم
كيف يتم تمويل المساعدات النقدية والقسائم؟
في عام 2022، تم تقديم غالبية المساعدات النقدية والقسائم من قبل وكالات الأمم المتحدة، والتي شكلت 66% من إجمالي الإنفاق. فيما احتلت المنظمات غير الحكومية مركز ثاني أكبر إنفاق، تليها الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ثم غيرها.

إلا أن هذه الأرقام يمكنها أن تخفي الجهة التي تقدم المساعدات الانسانية. ففي كثير من الأحيان تعمل الوكالات الكبرى مع الشركاء لتقديم البرامج الإنسانية – بما فيها المساعدات النقدية والقسائم. إلا أن التمويل الممنوح من الباطن لشريك منفذ لا يكون ظاهراً في بيانات التتبع مما يؤدي إلى عدم فهم مقدار مساهمة الجهات الفاعلة المحلية في تقديم المساعدات النقدية والقسائم.
هناك مجموعتان من صناديق التمويل الكبيرة الخاصة بالقطاع الإنساني، وهما الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ (CERF) وصناديق التمويل القطرية المشتركة (CBPFs)، واللذان يديرهما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA). وجدت الأبحاث التي أجرتها شبكة CALP أن بعض الصناديق المشتركة على مستوى الدولة لديها أهداف لاستخدام المساعدات النقدية. كما وجدت أيضًا أن مخصصات التمويل عبر الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ كانت أقل بكثير من المتوسط العالمي لاستخدام المساعدات النقدية في الاستجابة الإنسانية.
أحد الموارد الرئيسية المستفيضة لفهم حجم وتزايد المساعدات النقدية والقسائم هو الفصل الثاني من حالة المساعدات النقدية في العالم 2023.
سياسة المساعدات النقدية والقسائم
التزامات الجهات المانحة
كانت الالتزمات السياسية بزيادة استخدام المساعدات النقدية والقسائم الإنسانية والدعم النشط من الجهات المانحة لسياسات المساعدات النقدية والقسائم دافعا كبيرًا للنمو.
من التزامات الجهات المانحة الرئيسية الأخرى تجاه المساعدات النقدية والقسائم ما يلي:
- منتدى الجهات المانحة النقدي: مساحة للجهات المانحة لمناقشة وتعزيز المواقف المشتركة حول المواضيع الرئيسية المتعلقة بالتحويلات النقدية. حيث طورت في السنوات الأخيرة توجيهات سياسية بشأن التنسيق النقدي، واستخدام المساعدات النقدية في حالات ارتفاع معدلات التضخم والأزمات الكبرى، مثل كوفيد-19.
- النهج المشترك للجهات المانحة في برمجة المساعدات النقدية الإنسانية: تعهد وقعته في عام 2019 عشر من أكبر الحكومات المانحة بتقديم الدعم لبرامج المساعدات النقدية.
- بيان الجهات المانحة المشترك بشأن المساعدات النقدية: اتفاق تم إبرامه في عام 2019 من قبل الوكالات المانحة الرئيسية (الاتحاد الأوروبي / المديرية العامة للحماية المدنية الأوروبية للمساعدات الإنسانية، ألمانيا، النرويج، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية) والذي يحدد المجالات ذات الأولوية حيث يمكن للجهات المانحة تحسين التنسيق.
الالتزامات السياسية تجاه المساعدات النقدية والقسائم
أحد أكبر الالتزامات السياسية للعمل الإنساني في العقود الأخيرة هي (الصفقة الكبرى). حيث تهدف هذه الاتفاقية رفيعة المستوى بين بعض الجهات المانحة والجهات الفاعلة الإنسانية إلى جعل المساعدات أكثر كفاءة، وأن يتم إيصالها إلى عدد أكبر من الأشخاص المحتاجين – بما في ذلك زيادة استخدام المساعدات النقدية والقسائم.
وبعيداً عن الصفقة الكبرى، هناك العديد من الالتزامات المهمة الأخرى المشتركة بين الوكالات، مثل:
- البيان النقدي المشترك للأمم المتحدة: الالتزام السياسي لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) واليونيسيف بنظام مشترك لإيصال المساعدات النقدية، وأنظمة بيانات قابلة للتشغيل المشترك وغيرها من النهج المشتركة في سلسلة إيصال المساعدات النقدية.
- الشبكة المشتركة لإيصال المساعدات النقدية: التزام 14 منظمة غير حكومية دولية بالعمل الجماعي من أجل استخدام المساعدات النقدية والقسائم على نطاق واسع، وذلك باستخدام الأنظمة المشتركة، وكفاءة الإيصال، ونهج الجودة.
بالإضافة إلى ذلك، تضع الوكالات الفردية سياساتها الخاصة للوصول إلى أهداف معينة لتقديم المساعدات النقدية والقسائم.

تطورت بيئة سياسات المساعدات النقدية والقسائم بشكل كبير منذ عام 2016، مع إحراز تقدم هائل في العديد من المجالات. تتأثر المنظمات بمجموعة متنوعة من عوامل السياسة عندما يتعلق الأمر بالمساعدات النقدية والقسائم. وقد وفرت الالتزامات الجماعية أساسًا للتقدم، حيث لعبت الالتزامات الخارجية والدوافع الداخلية والعوامل البيئية دورًا في تسريع التغيير.
للحصول على تقييم مفصل لمشهد سياسة المساعدات النقدية والقسائم، يرجى الرجوع إلى ما الوجهة التالية؟ المشهد المتطور لسياسات النقد والقسائم.
فهم الصفقة الكبرى
تعد الصفقة الكبرى واحدة من أكبر الالتزامات العالمية التي قطعتها الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية في السنوات الأخيرة، وهي مصممة لجعل العمل الإنساني أكثر كفاءة وللوصول إلى المزيد من الأشخاص المحتاجين.
تم اقتراح الصفقة الكبرى خلال القمة الإنسانية العالمية في عام 2016 كحل لسد الفجوة بين حجم الاحتياجات الإنسانية وحجم الأموال المتاحة للمساعدات. ومن خلال جعل المعونات مباشرة أكثر وبتكاليف إدارية أقل، تشير التقديرات إلى أن النظام قد يحقق وفورات إضافية بقيمة مليار دولار.
في الفترة التي سبقت القمة، طرحت هذه الدراسة المؤثرة لعام 2015 العبارة المعروفة الآن ’لماذا لا تكون المساعدات نقدية؟‘ وإذا لم يتم ذلك الآن، فمتى؟‘. تحدد هذه الكلمات لهجة المحادثات حول المساعدات النقدية والقسائم.
كان للصفقة الكبرى تأثير كبير على المساعدات النقدية والقسائم، وكان تزايد المساعدات النقدية والقسائم أحد أكثر المجالات نجاحًا في الاتفاقية. فمنذ عام 2016، تم تبني استخدام المساعدات النقدية على نطاق واسع وتضاعف استخدامها كنسبة من المساعدات الإنسانية.
أما بالنسبة للصفقة الكبرى 2.0، فقد تحولت الجهود إلى التركيز على معالجة تحديات المساءلة والتنسيق في تقديم المساعدات النقدية والقسائم. في عام 2022، بعد دعوة للعمل، اتفق الموقعون على نموذج تنسيق نقدي لإضفاء الطابع الرسمي على المساعدات النقدية في نموذج التنسيق الحالي.
لمعرفة المزيد، اقرأوا عن الصفقة الكبرى على صفحتنا الخاصة بالمساعدات النقدية والقسائم 101.
الفرص والتحديات التي ينطوي عليها توسيع نطاق المساعدات النقدية والقسائم
ما هي الفرص المتاحة لتوسيع نطاق المساعدات النقدية والقسائم؟
- تحويل المزيد من المساعدات العينية إلى مساعدات نقدية وقسائم عند الاقتضاء .
- ينبغي على المنظمات أن تستمر في إجراء التغييرات لتحقيق أهدافها الخاصة فيما يتعلق باستخدام المساعدات النقدية والقسائم.
- زيادة استخدام المساعدات النقدية متعدد الأغراض مع تنسيق الجهود بين جميع الجهات الفاعلة في أماكن متعددة.
- تنسيق نُهُج تحسين جودة استجابات المساعدات النقدية والقسائم. العديد من القضايا التي تحتاج إلى معالجة هي قضايا ممكنة من الناحية الفنية ولكنها تتطلب إرادة سياسية كبيرة لأنها تؤثر على العلاقات بين الوكالات وتدفقات التمويل.
- تطوير روابط أقوى مع المعونات الإنمائية وأنظمة الحماية الاجتماعية الوطنية.
ما هي العوائق التي تحول دون توسيع نطاق المساعدات النقدية والقسائم؟
- تبرع الجهات المانحة بالمساعدات العينية وليس النقدية للجهات الفاعلة الإنسانية. على سبيل المثال، في دراسة أجريت عام 2022، وجدت شبكة CALP أنه إذا تم إعادة توجيه أموال الحكومة الأمريكية المتعلقة بالمعونات الغذائية نحو المساعدات النقدية والقسائم، فإن ذلك كان سيؤدي إلى زيادة بنسبة 6% في إجمالي الأحجام العالمية للمساعدات النقدية والمساعدات النقدية (أي من 19.4% إلى 25.4%)!
- تتردد بعض القطاعات الإنسانية في التحول من تقديم المساعدات العينية إلى المساعدات النقدية والقسائم.
- يتم أحياناً اتخاذ القرارات بشأن نوع المساعدات الانسانية بناءً على حجم مخزونات المساعدات العينية الموجودة، وليس على تفضيلات الأشخاص المتأثرين بالأزمة.
- تفادي المخاطرة وعدم رغبة بعض المنظمات والحكومات المتضررة من الأزمة في تمكين برامج المساعدات النقدية والقسائم. تستمر بعض الجهات الفاعلة التي ليست على دراية بالمساعدات النقدية والقسائم في اختيار المساعدات العينية.
مع ذلك، هذه مجرد أمثلة، فلن يتم تحقيق النمو المحتمل في استخدام المساعدات النقدية والقسائم إلا من خلال إجراءات متعددة، من قبل منظمات متعددة، وفي أماكن متعددة. ولا يوجد مصدر واحد بسيط غير مستغل لتحقيق النمو ولا أدوات بسيطة لإحداث التغيير.
لاستعراض تحليل أعمق، اقرأوا المنشورات الثلاثية لشبكة CALP لعام 2022 حول هذا الموضوع: ما الوجهة التالية بالنسبة للمساعدات النقدية والقسائم: هل حان الوقت لإجراء تغييرات جذرية؟
أو يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو التدريبي الذي تبلغ مدته 16 دقيقة حول معايير المساعدات النقدية والقسائم وبيئة السياسات اعتبارًا من عام 2020.