أن تكون بين صفوف المستفيدين: لماذا تفتقر القسائم لحفظ الكرامة والقيمة؟
عن المؤلف
غادر إينوسنت تشيلومبو جمهورية الكونغو الديموقراطية قبل عشر سنوات وهو يعيش معظم الوقت في مخيم كاكوما للاجئين منذ ذلك الحين. أسس إينوسنت شركة Kakuma Ventures في المخيم واستكمل دراسة الماجستير في العمل الإنساني خلال عامي 2020/2021 في مركز جنيف للدراسات الإنسانية. وقد اشتملت هذه الدراسة على وحدات حول مساعدات النقد والقسائم ألهمته لكتابة هذه المدونة متأملًا فيها تجربته في تلقي المساعدات.
تجربتي مع المساعدات النقدية
قدمت من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى كينيا عام 2009 وعشت في مخيم كاكوما معظم الوقت منذ ذلك الحين في كينيا. يقع مخيم كاكوما في الشمال الغربي من كينيا حيث يوزع برنامج الأغذية العالمي قسائم إلكترونية شهرية ومساعدات عينية من خلال ثلاثة مراكز لتوزيع الغذاء تديرها منظمات شريكة لخدمة سكان المخيم البالغ عددهم 157539 نسمة.
أروي هنا وجهة نظري كمتلقٍّ للمساعدات العينية وشاهد على إدخال القسيمة الإلكترونية ضمن المساعدات المقدمة للاجئين. أعتقد أن المساعدات النقدية تقدم القيمة مقابل المال وتمنح مرونة أكبر في طرح البدائل للمستفيدين وتحفظ كرامتهم مقارنة بالمساعدات العينية.
لكن أهداف المنظمات الإنسانية التي تقدم مساعدات النقد والقسائم في قطاعات معينة تحد من الاستفادة من المساعدات النقدية.
مع مرور الوقت، طرأ تحسن كبير، لكن استلام المساعدات العينية في مخيم كاكوما ما زال يستغرق ساعتين إلى أربع ساعات، وصعوبة استلامها تثني بعض المستفيدين عن تلقي المساعدات لتجنب كابوس التعامل مع قسوة مسؤولي الأمن؛ حيث يمنح بعض ضباط الأمن الأولوية في الخدمة لأقربائهم أو أصدقائهم. وفي بعض الأحيان، قد يصل إحباط البعض من عملية استلام المساعدات لدرجة تجعلهم يتغيبون عن التوزيع ويفوّتون على أنفسهم سلة غذائية عينية لشهر كامل.
قبل بضع سنوات، تم قطع المساعدات العينية جزئيًّا واستبدالها بالقسيمة الإلكترونية المتنقلة المعروفة محليًّا باسم “بامبا شاكولا” (احصل على غذائك باللغة السواحيلية). لكن تلقي المساعدات العينية كان شرطًا للتأهل لاستلام القسيمة الإلكترونية، وبالتالي فإن عدم تلقي المساعدات العينية يؤدي إلى فقدان الحق بتلقي القسيمة. وقد فاقم هذا الشرط من هشاشة من لا يشعرون بالأمان في نقاط استلام المساعدات العينية أو من لم يتمكنوا من تلقي المساعدات العينية لأي سبب من الأسباب.
كان برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه هم الوحيدون الذين يوزعون القسائم الإلكترونية التي تستهدف أسر المخيم، وقد تم تصميم القسيمة الإلكترونية بحيث تحقق أهدافًا معينة تتمثل في تمكين الناس من شراء الغذاء الطازج غير المتاح ضمن المساعدات العينية في مراكز توزيع الغذاء، كالحليب واللحوم والخضراوات والفاكهة.
لكن القيود والشروط المسبقة المفروضة على القسيمة الإلكترونية كانت سببًا في تقليل مرونتها والحد من الخيارات المطروحة أمام المستفيدين وضعف قيمتها مقابل المال، فضلًا عن أنها مسّت كرامة المستفيدين.
بادر مديرو بعض المتاجر – الذين اختارهم برنامج الأغذية العالمي للمشاركة في برنامج القسيمة الإلكترونية – إلى تشديد القيود والشروط بشكل أكبر. وفي بعض الحالات، أدت القيود على ما يمكن شراؤه إلى تقليل قيمة القسيمة مقابل المال، فإذا احتاج المستفيد لشراء سلعة غير مغطاة بالقسيمة الإلكترونية، يعمد التاجر لتقليل قيمة القسيمة بنسبة عشوائية قد تصل إلى 60% من قيمتها النقدية الحقيقية. إضافة إلى ذلك، بسبب مشاركة بضعة متاجر فقط في برنامج القسيمة الإلكترونية، ولّدت المنافع الاقتصادية للمتاجر المحلية المشاركة في البرنامج شكلًا جديدًا لعدم العدالة في السوق وميزة تنافسية غير عادلة بين التجار، حيث لا تتساوى المنافع العائدة على التجار المشاركين في البرنامج مع من لا يشاركون فيه. كما أن القسيمة مصممة كي تستخدم خلال 7 أيام فقط، ومن ثم تُفرّغ قيمتها من الحساب المتنقل دون الاحتفاظ بأي فائدة دائمة للمستخدم بعد انتهاء صلاحية القسيمة.
ثمة أوجه واضحة لعدم العدالة بين اللاجئين في مخيمات كاكوما، ولا ينبغي للمساعدات أن تعمّق أوجه عدم العدالة هذه.
إن تقديم القسائم الإلكترونية المشروطة والمقيدة يُعتبر قيدًا إضافيًّا على اللاجئين، فهو يُضاف إلى القيود التي تفرضها سياسة اللجوء في كينيا التي تحدُّ على سبيل المثال من مرافد الدخل المتاحة للاجئين وتفرض حدًّا أعلى للدخل الذي يتلقونه إذا كانوا يعملون في منظمة في المخيم.
وهذا الوضع يعكس تأثر تصميم المشاريع الإنسانية بالعديد من العوامل. كما أن تنفيذ ومراقبة المشاريع يتأثران بتحيزات موروثة، وتصورات شائعة بشأن تحكم المستفيد بالخيارات التي يتخذها في حياته، ونقص الأدلة في القطاع الإنساني. كل هذه العوامل تنشئ عائقًا واضحًا أمام طرح المساعدات النقدية، كما أنها لا تحقق الفوائد المرجوة للنقد كشكل من أشكال المساعدة استجابةً للحاجات الإنسانية.
تستهدف المساعدات النقدية المستفيدين وهم المسؤولون الأساسيون عن اختيار الأفضل لهم. لكن ينبغي لتدخلات مساعدات النقد والقسائم القطاعية المقيدة بالغذاء – كالمساعدات التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي في كاكوما – أن تتبنى المساعدات النقدية متعددة الأغراض التي تتيح شراء الغذاء وسلع أخرى حسب الحاجة.
إن تقييد القسيمة الإلكترونية بشراء الغذاء فقط لا يعني أن الشخص سيختار أن ينفق ماله على الغذاء كل الوقت (فهو لديه حاجات أخرى ينبغي أن يأخذها في الاعتبار) لكن ذلك يعني أنه سيعاقب على فعل ذلك لأن قيمة القسيمة ستُفقَد بسبب هذه القيود.
تعيد مساعدات النقد والقسائم المشروطة والمقيدة إنتاج شكل جديد من هدر الموارد الشبيه بتوزيع منتجات غير مرغوب بها أحيانًا ضمن سلال المساعدات العينية. ينبغي تعديل الإستراتيجيات القطاعية بحيث تضمن حرية الاختيار والمرونة وحفظ كرامة المستفيدين سواء كان ذلك في التعليم أو الأمن الغذائي أو الصحة، مع مراعاة حاجات الحماية.
إذا لم تكن قط من المستفيدين من المساعدات فأنت محظوظ، لكن إن وجدت نفسك في ذلك الموقف يومًا ما، اسأل نفسك، هل تريد أن يختار لك الآخرون ما تأكل وكيف تنفق مالك؟
الشكر موصول لإينوسنت على شهادته الواضحة والمثيرة للاهتمام. يرجى الرجوع إلى مجموعة أدوات جودة البرامج الخاصة بشبكة CALP للحصول على الدعم في تطوير وصيانة وتقييم مساعدات النقد والقسائم عالية الجودة.